" وطــنٌ بـلا قـلـب "
سـربُ الحمـامِ يلـوحُ للجـلادِ
أملٌ تبخَّـرَ فـي شـرودِ الـوادي
حممٌ ستغدو فـي المسـاءِ حجـارةً
وسحابةٌ ضلتْ .. فضـلَّ فـؤادي
قنينةُ الياقوتِ مـا عـادتْ هنـا
لا تقتربْ فهـوايَ فـاق عنـادي
وأرى الجنونَ يهيـمُ فـي قدسيـةٍ
وكـأن محـرابَ الحنيـن ينـادي
عارٌ على الأهدابِ أن تغفو ، فمـا
للعينِ حيـن تنـامُ مـن أحقـادِ
فجرُ الأمانـي مـا يـزال معانـداً
ويضاجعُ الحرمـانَ حيـنَ هـوادِ
أمسٌ تضاحكتْ الظنونُ على فمي
فوددتُ وأدَ الـذل فـي أعـوادي
وعلى شرودِ الليـلِ ألمـحُ نجمـةً
تقضي على روحـي بالاستعبـادِ !
عارٌ على وجهِ السمـاء بكاؤهـا
أيعيدُ بعض الدمعِ شمسَ بـلادي ؟
وطفقتُ أبحثُ عن حدودِ هوائـي
رئـةُ الزمـانِ تلونـتْ بـسـوادِ
وجهُ العروبةِ شاحبٌ ، عبثـتْ بـهِ
روحُ الكآبةِ ، والدمـوع بَـوادي
تجعيـدةٌ ألقـتْ علـيّ ثيابـهـا
، فبحثتُ عـن ترنيمـة الزهَّـادِ
خلفَ الضلوعِ دفنتُ ثوبَ قصيدتي
وتركتـهـا بعريِّـهـا المعـتـادِ
بزغتْ عيونُ القومِ حيـن تنزلـتْ
من خدرهـا المحفـوفِ بالأصفـادِ
وكأن أحـلام السنيـن تجمّعـتْ
في جوفِ حرفٍ ماتَ فـي الميـلادِ
عذريةُ الآفـاقِ خانـتْ موطنـي
فدفعتُ عمري كي يفيقَ جـوادي
شطُّ النخيلِ يموجُ خلفَ حدائقـي
لا صوتَ يعلو فوقَ صوتِ حدادي
ودخلتُ في ركبِ الظـلامِ أنـادي
" بغدادُ .. هل مازلتِ في بغدادِ ؟! "
يا من ولدتِ من العلـومِ فطاحـلاً
فمتـى اللقـاءُ بعـزةِ الأجـدادِ ؟
سلبوكِ أنـوارَ اليقيـنِ فغزوهـم
أضنى فؤادَ العلـمِ قبـل فـؤادي
أعيا ضلوعَ الدهر حمـقُ حكايـةٍ
تبدو كوجـهِ الخـوفِ للأوغـادِ
وجهٌ طلاهُ الصمتُ حيـن تخـاذلٍ
لا تختفي الجينـاتُ فـي الأحفـادِ
الأخُ يقتلـهُ أخــوه كلاهـمـا
ظنَّ النجاةَ علـى يـدِ الجـلادِ !
لا تحتمي خلفَ الظـلال مكابـراً
واجهْ ظنونكَ فـي ثيـابِ جـوادِ
لا تعبثـنْ فالقلـبُ بـادٍ جرحـه
والقدسُ تنـزفُ دونمـا استشهـادِ
القدسُ ترحلُ في شحـوبِ عنائنـا
كل المواجـعِ تصطلـي بزنـادي
ورحلتُ خلفَ الراحليـن أنـادي
كيفَ الرحيلُ بـلا رؤىً أو زادِ ؟
ويضيعُ جرحي في جروحِ رياحـي
فعلمتُ أن الجرحَ وجـهُ بـلادي
سقمُ الجبالِ يطـولُ فـي أركانهـا
وتفيـقُ بالبركـانِ دونَ هــوادِ
والأرض تبدو فـي عيـون ثباتهـا
طوعَ المذلةِ فـي رحـى الآسـادِ
في لحظةٍ غضبـتْ فشـنَّ جنونهـا
في الكون زلزالاً فقـضَّ الـوادي
وعلى السماء ترى عيون صفائهـا
فإذا اشمئـزتْ أمطـرتْ بسـوادِ
الكون يغضبُ هل لنا من غضبـةٍ ؟
تحيي الحياةَ علـى رنيـمٍ شـادي
هل نقتلُ النسيـانَ مـن شرياننـا
أم أن قولَ الفصلِ فـي الميعـادِ ؟!